18 يونيه 1953.. تناقضات "منياوية" في ليلة إنهاء الملكية وإعلان الجمهورية
بالأمس مرت الذكرى الثامنة والستين ليوم شهد كتابة فصل النهاية للحكم
الملكي لأسرة محمد علي في مصر وإعلان قيام النظام الجمهوري لجمهورية مصر العربية،
وذلك بعد 11 شهراً من نجاح ثورة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952، والتي أدت
لتنازل الملك فاروق عن العرش ، لتتغير سياسة ونظام الحكم في المحروسة.
وعلى الرغم من نجاح ثورة يوليو1952 إلا أن إعلان الجمهورية بشكل رسمي جاء
قبيل الإحتفال بمرور عامها الأول بشهر
واحد ، وجاء هذا التأخير للتخلص ممن وجدوا في أنفسهم "فرصة للحياة"
مستمدين ذلك من بقايا النظام الملكي ، وهذا ما أكده بيان إعلان الجمهورية قائلا ( لما كانت الثورة
عند قيامها تستهدف القضاء على الإستعمار وأعوانه، فقد بادرت في 26 يوليو 1952إلي
مطالبة الملك السابق فاروق بالتنازل عن العرش، لأنه كان يمثل حجر الزاوية الذي
يستند إليه الإستعمار، ولكن منذ هذا التاريخ ومنذ إلغاء الأحزاب وجدت بعض
"العناصر الرجعية" فرصة حياتها ووجودها مستمدة من النظام الملكي الذي
أجمعت الأمة بالقضاء عليه قضاء لا رجعة فيه).
نص الاعلان الدستوري بإعلان النظام الجمهوري
وندد البيان بسياسة الأسرة العلوية منذ بدء حكمها لمصر مروراً بالملك فاروق
حيث وصفوه بالذي "طغى وتكبر وكفر" طبقاً للبيان ، لتأتي القرارات في
نهايته بإلغاء النظام الملكي وحكم أسرة محمد علي، مع إلغاء كافة الألقاب أفراد هذه
الأسرة ، وإعلان الجمهورية بتولي اللواء أركان حرب محمد نجيب منصب رئيس الجمهورية
مع احتفاظه بسلطاته الحالية بموجب الدستور المؤقت.
حمل هذا اليوم مجموعة من المشاعر المتناقضة لشخصيتين طالما إرتبط ذكرهما دائماً بمحافظة المنيا ،
وهنا أتحدث عن الملكة ناريمان صادق أخر ملكات مصر والتي كانت برفقة زوجها الملك
فاروق وإبنهما أخر ملوك مصر بالمنفى، والمشير عبد الحكيم عامر أحد أبرز قادة
الثورة الذي تمت ترقيته في هذا اليوم لرتبة لواء.
فقد أصدر الرئيس محمد نجيب في ذات اليوم قراراً بترقية الصاغ محمد عبد
الحكيم علي عامر لرتبة لواء وتنصيبه قائداً عاماً للقوات المسلحة.
وجاء نص القرار كالآتي : (بإسم الأمة .. رئيس الجمهورية بعد الإطلاع على
الإعلان الدستوري الصادر في 18يونيه عام 1953..أمرنا بالآتي: يعين حضرة الصاغ
أركان حرب محمد عبد الحكيم علي عامر، قائداً عاماً للقوات المسلحة ويمنح رتبة
لواء).
حمل القرار رقم 1 لعام 1953 كأول قرار جمهوري يصدره الرئيس بعد إعلان الجمهورية،
ليطلق أبناء المنيا لقب جمهورية "المشير" تيمناً بترقية إبن قرية إسطال
التابعة لمركز سمالوط كقائداً للقوات المسلحة المصرية.
وعلي النقيض، لم تدم سعادة ناريمان وفاروق سوى الشهور الأولى من المنفى بعد
تحصلهم على مسكن مناسب، وما لبث أن دبت الخلافات بين الملكين السابقين، خاصة بعد
ورود نبأ عزل نجليهما الملك أحمد فؤاد
الثاني عن عرش مصر، وإعلان الجمهورية رسميًا في 18يونيه 1953، وهو الأمر الذي زاد
من وطأت توتر وسهر فاروق الزائد عن الحد بعيدًا عن أسرته في منفاهم، فلم تتحمل
ناريمان البقاء بعد عزل إبنها عن العرش وأصبحت تخطط للعودة إلي مصر،خاصة بعد إلحاح
والدتها أصيله عليها بضرورة الطلاق من فاروق والعودة إلي مصر، حتى أنها حصلت على
إذن من اللواء محمد نجيب رئيس مجلس قيادة الثورة، بالسفر لإبنتها ناريمان لبحث تلك
الخلافات التي دبت بين الملكة السابقة وزوجها الملك المعزول.
وما أن وصلت أصيلة هانم لمقر إقامة الملك السابق وجدت إبنتها ناريمان،
شاحبة الوجه تكاد تبكي، فعلمت من ناريمان أن فاروق لم يكن يتركها وحسب للسهر في
الحانات ومزاولة نزواته النسائية، بل كان يهينها أمام الناس إذا وجدته يغازل سيدة
أخرى، وما أن سمعت أصيلة هانم هذه القصة من ناريمان إندفعت كـ"المجنونه"
وإقتحمت غرفة فاروق وقالت له جمله واحدة
"أريدك أن تطلق إبنتي حالاً"، تعصب الملك السابق على حماته لحد
التراشق لينتهي الأمر بوضع فاروق شرطًا تعجيزيًا ليمنح به ناريمان حريتها.
وقبل معرفة هذا الشرط إصطحبت أصيلة هانم ناريمان في رحلة جوية إلي سويسرا،
ومنها إلي القاهرة،عبر الخطوط الجوية الهندية، ولم يعلم الملك فاروق بهذا التغيير
إلا من سكرتيره الثالث أمين فهيم والذي أصبح كاتم سر الملكة ناريمان وسكرتيرها
الخاص.
الملكة ناريمان ووالدتها أصيلة هانم المنياوية وسكرتير الملكه
وافق الملك فاروق على طلب الطلاق بشرط ترك ناريمان لإبنها الوحيد ملك مصر
السابق للعيش مع والده في روما، مقابل أن تعود وحيدة لمصر وتحصل على الطلاق، وكان
في ذلك صفقة عقدها فاروق مع ناريمان لتحصل على مطلبها.
اخر ملوك وملكات مصر فاروق وناريمان ونجلهما أحمد فؤاد
وبذلك كان يوم الثامن عشر من يونيه يوم التناقضات التي عاشتها عائلتين من
المنيا، فقد حمل البشرى لأهالي قرية إسطال إبتهاجاً بنجلهم المشير عامر، وجلب
الصدمة والرحيل للملكة ناريمان وإبنها الملك الصغير حفيد المنياوية من ناحية جدته
أصيلة هانم إبنة بندر المنيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا على دعمكم المستمر