"المنيا أرض التوحيد" ... حلقة 1 .."أمنحوتب الرابع " الموحد السائر على خطى "إبراهيم الخليل"
لم تكن عبادة الله في الأرض مقصورة على أحد، فكل صاحب عقل مهمته التدبر في الكون
مصداقًا لقول الله تعالى ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران:
190]، فكانت مهمة كل ذي عقل راجح أن يفهم ويتدبر في الكون ،ليعرف خالقه حق معرفه،
لكن كانت هناك عديد من العصور يسيطر عليها أصحاب المصالح والمنتفعين من سلطة أو
منصب أو مكانة ، كانوا يطلقون على أنفسهم "الكهنة" ، ومنحوا لذاتهم رتبة
نصف إله كما حدث في أغلب عصور الفراعنة القديمة.
ولعل "أمنحوتب الرابع" كان أول من وصف كهنة المعابد بهذه الأوصاف
، على الرغم من إهتمامهم به ورعايته في بداية نشأته، فكان جد أمنحوتب الرابع
"إخناتون" هو الكاهن "يويا" أحد أكبر كهنة آمون إله القدماء
المصريين، وكان الملك أمنحوتب الثالث والد إخناتون ووالدة الملكة "تيي"
من أشد الموالين لعبادة الإله آمون.
فرح الجميع بولادة الأمير أمنحوتب الرابع ، على الرغم من أنه لم يكن وليًا
لعهد الملك أمنحوتب الثالث ، فكان يكبر أمنحوتب الرابع أخيه تحتمس الثالث، لكن
تنبأ الكهان بأن سيكون له شأن كبير .
نشأة الملك الموحد
يتحدث فرج عبد العزيز مدير التنشيط السياحي بمنطقة تونا الجبل الأثرية
بالمنيا، حول نشأة أمنحوتب الرابع – إخناتون لاحقًا – بأنه كان أحد الفراعنة
المنتمين من الأسرة الثامنة عشر، حكم مصر من 15لـ17عام، وكان منذ صغره مختلفًا عن
جميع أقرانه، فهو أمنحوتب
الرابع إبن ملك مصر القوي أمنحوتب الثالث وأمه الملكة تيى الملكة الحاكمة، وكان جده لامه "يويا" أحد الكهان
الكبار.
ويضيف:
ولد في قصر أبيه أمنحوتب الثالث القصر الملكي الكبير في عاصمة العالم الجميله
"طيبه" وكان القصر يعج بالخدم
والحشم وخلية من كل التخصصات منهم الكهنة
والمطربين والأطباء ورجال الدين بالقصر الملكى، وسعد الجميع بولادته ، وأسموه
الكهنة أمنحوتب على إسم والده والذي يعني "آمون يرضى" .
سمات شخصية مميزه
ويشير
محمود مندراوي مفتش آثار منطقة المنيا الشمالية أن إخناتون أو أمنحوتب الرابع منذ
نعومة أظافره كان يميل إلي التأمل في الطبيعة والنظر إليها بتدبر ويحب العزلة ،
مما دعى علماء الآثار يطلقون عليه الملك الفيلسوف لشدة تأمله ووعيه .
تعليمه
كبر الطفل
قليلاً وإهتم به الجميع لأنه الأمير إبن الملك وكان أمنحوتب الصغير يتسم بصفات غير
عادية ،فكان هادئ الطباع ومستمع جيد لكل من حوله، لذلك أرسله أبيه أمنحوتب الثالث
للتعلم بمركز العقيدة وكان مقره مدينة "أوون" أو عين شمس حاليًا.
وحول ذلك
يقول "عبد العزيز": أراد له والده أن يتعلم وينشأ على أيدي كبار المعلمين المختصين في التعاليم الدينية وفى شتى شئون الحياة ، وتأثر
أمنحوتب الرابع بتعاليم كهنوتها وعرف قوة
ونفوذ الكهنة كما عرف وفهم تأثير هؤلاء الكهنة
على أبوه وجده، وتأكد أمنحوتب منذ طفولته أن الكهنة لهم تأثير على الجميع الملك
والشعب أنهم يستغلون الجميع لمصالحهم الخاصة ويأخذون أموال وقرابين الشعب لأنفسهم،
وعاد أمنحوتب الرابع إلى القصر وقد فهم كل شيء وتعلم أمور الحياة والسياسة ولكنه عاد إنسان آخر يطيل الصمت، كلامه قليل، يمتاز بالحكمه وله رأى صائب ، ولكنه
دائم التفكير والتركيز في أمر آخر كونه غير
راضيًا على الكهنة والمعبد وتصرفاتهم.
تذكرنا هذه
النشأة الفريدة بما كان يفعله خليل الله سيدنا إبراهيم - مع فارق القدر والتعظيم والمكانة - إذ كان دومًا عليه السلام
هادئ الطباع منشغل بالتدبر في الكون ، كان دائم البحث عن الإله الواحد لعدم قناعته
بعباده الأوثان ، وكان دائم الصراع مع عُباد الأصنام على الرغم من كون آبيه
"آذر" أمهر صانعي التماثيل وأفضل النحاتين في عصره ، لكنه عليه السلام
لم يكن يسجد لصنم قط وظل متدبرًا في الكون إلي أن إصطفاه الله تعالى وهداه
لعبادته، فهناك سمات وصفات شتى بين شخصية أمنحوتب الرابع وإبراهيم الخليل عليه السلام
جعلت منه ملكًا عظيمًا وموحًدا كبيرًا..ولكن ما هي علاقة المنيا الفريده بهذا الملك
العظيم؟ وما هو السر وراء إختيارها بالتحديد؟ .
وهذا ما سنسرده في الحلقة القادمة ..فتابعونا.
اكتر من رائع يا صديقي .. منتظرين مزيد من الحلقات باذن الله .. (جمال)
ردحذفإن شاء الله الف شكر
ردحذف