«آثار مدينة داوود» أم « موضع العنبجة».. كيف حدد مؤرخوا البلدان موقع المنيا القديمة؟!

المنيا عروس الصعيد هى من أقدم البلدان فى التاريخ المصرى القديم – كما سيأتي الذكر -  ودرة المدن فى التاريخ القبطى والإسلامي ، تغنى بها وبجمالها الرحالة العرب والأجانب من جمال مبانيها ورحابة حقولها وغزارة حدائقها .

 "المنيا القديمة والبحث عن الاثار" 

يعتقد محمود مندراوي كبير مفتشي منطقة المنيا الشمالية، أن حاضرة المنيا القديمة تقع ما بين مديرية أمن المنيا شمالا ، وتمتد  إلى الجامع العمرى جنوباً ، وتمتد غربا إلى شاطئ الترعة  الإبراهيمية ، وشرقا إلى شاطئ النيل العظيم ، متخللا المناطق والاحياء و الشوارع التى بين تلك الحدود الأربعة  ،حيث أن معظم المبانى القديمة والمساجد والكنائس القديمة تركزت فى تلك المنطقة .

 وبحسب مندراوي فإنه يبني اعتقاده بناء على البلاغات التي تلقتها شرطة ومباحث الآثار والتي تفيد بقيام أهالي فى تلك المنطقة  بالحفر خلسة بحثا عن الآثار ، كان ناتج الرديم المستخرج من الحفر عبارة عن طوب لبن قديم وأحجار قديمة من الحجر الجيرى التى تشتهر به المنطقة وكذلك طوب الأجر القديم " الطوب الأحمر"  وكذلك بقايا فخارية  يرجع تأريخها  لعصور قديمة جدا .

 

"المنيا ومؤرخوا البلدان"

ذكرت المنيا في أكثر من موضع باعتبارها من القرى والمواقع التاريخية القديمة،ما بدر عنه ثمة خلاف لدى المؤرخين بشأن تحديد موضع " المنيا القديمة"، وهو ما إثاره محمود مندراوي والذي أكد هذا الخلاف بذكر أكثر من موضع قديم المنيا، طبقا لتحديد هؤلاء المؤرخين وطبقا للعصور المختلفة.

وقال مندراوي؛المنيا من المدن القديمة ، ذكرها أميلينو فى جغرافيته فقال : إن اسمها القبطى Temoni  ، ووردت ايضا باسم Tmoone Khoufou ، وقال إن هذين الاسمين   يرجعان إلى مدينة المنيا ، وهى مذكورة بين طحا المدينة والبهنسا ، حيث المكان الحالى لمدينة المنيا هذه ، وقال : "إن كملة  Moni معناها الميناء وكلمة Moone  معناها المرضعة" .

 واضاف أن جوتيه ذكرها في قاموسه بإسم ناحية  Mnat Khofou وقال : إن كترمير وبريكش وأميلينو نسبوها إلى المنيا ، وجوما نسبها الى المكان الذى به آثار مدينة داود  وقد حقق ماسبيرو موقعها فى سنة 1891 م ، ووضعها فى محل العنبجة El- anbage ، التى كانت مركزا لسلطة أشراف الإمبراطورية الوسطى ، الذين دفنوا فى مقابر بنى حسن الواقعة على الشاطئ الشرقى للنيل ، تجاه أبو قرقاص ، ولا علاقة لها بمدينة المنيا الحالية .

وبرر المفتش الأثري  أن ماسبيرو أعتمد على أن أسم   منعت خوفو والتى تعنى باللغة المصرية القديمة مرضعة خوفو وذلك لأنها ذكرت على إحدى جدران مقابر الحكام  بمقابر بنى حسن والتى ترجع إلى عهد الدولة الوسطى الأسرة 12 ، وقد سميت المدينة بذلك الاسم فى عصر الدولة القديمة الأسرة الرابعة تكريما لمرضعة الملك خوفو والتى كانت تسكن تلك المنطقة فى ذلك الوقت ، حيث كرمها أيضا الملك خوفو ببناء هرم لها شرق النيل بمنطقة زاوية سلطان الحالية  تكريما وتخليدا لذكرها ، ولا يزال  أطلال وبقايا هذا الهرم موجودة إلى الآن. 

 

الاسم القبطى تيمونى " مونى " :

كما ذكرنا سابقا أنها ذكرت باسم تيمونى Temoni  و مونى Moni بمعنى الميناء .

ثم ذكر جوتييه فى قاموسه أن سمها القبطي Temoni وأن بروكش قال أن اسمها المصرى  per mema وقد خالفه ماسبيرو فى ذلك ، باعتبار أن كلمة المنيا هى اسم عربى . 

"ابن الخصيب" وتعريب المنيا  :

ذكرها الإدريسي فى نزهة المشتاق باسم منية ابن الخصيب قال : وهى على الضفة الشرقية للنيل ( والصواب أنها على الضفة الغربية) ، ثم قال : وهى قرية عامرة حولها جنات ، وأرض متصلة العمارات ، وقصب وأعناب كثيرة ، ومتنزهات ومبان حسان .

وفى معجم البلدان : منية أبى الخصيب مدينة كبيرة على شاطئ النيل الغربى فى الصعيد الأدنى بمصر . 

 وقال فى التعريف عند الكلام على خط سير  سعاة البريد ومراكزه ، ومن إقلوسنا ( قلوصنا ) إلى منية ابن خصيب  ، وهى على ضفاف النيل ذات مرائي جميلة ، وبها مدارس مدارس وحمامات وأسواق ، قال : ويقال أن الخصيب عمرها أيام ولايته وسماها باسم ابنه فعرفت به . 

وفى الخطط المقريزية منية الخصيب ، نسبه إلى الخصيب بن عبدالحميد ، صاحب خراج مصر من قبل أمير المؤمنين هارون الرشيد ، وفى قانون ابن مماتى وفى تحفة الإرشاد  وفى التحفة منية بنى الخصيب من أعمال الأشمونين .

"أسماء أخرى للمنيا"

 ووردت فى دفاتر الروزنامة القديمة بنى الخصيب المعروفة "بالمنية" وفى تاريخ 1230 هـ "المنيا الحائط" . 

 ووردت فى مصادر أخرى باسم المنية ومنية ابن خصيب ، وعلي لسان العامة منية ابن الخصيم ومنية الفولى نسبة إلى الامام أحمد الفولى وهو الشيخ على بن محمد بن على المصرى اليمنى ، كان من علماء الحديث والفقه الشافعى ، وأشتهر باسم الفولى لأنه كان يبيع الفول لأهل المنطقة ليصرف  على أهل بيته وعلى طلب العلم  دون طلب  مساعدة من أي أحد .

وفى تاريخ سنة 1236 هـ وردت باسم المنيا وهو اسمها الحالى .

...يتبع...