"منياوية صنعوا النصر 7" جزء2 .. الرقيب فاروق إسماعيل متحدثًا عن ثغرة الدفرسوار:"دماؤنا كانت ثمنًا لجركن مياه ملوث والطعام مخلفات الفئران"
>> كنا على مسافة 200متر من خطوط العدو .. وشهيد "البيهو" ضحى بروحة لإنقاذنا من "القنص"
>> فدائية "واصل" أنقذت شعب السويس من الدمار .. والقيادة المصرية نجحت في فرض مفاوضات "الكيلو 101"
>> أنشأنا معرضًا للأسلحة "الإسرائيلية" بعد الحرب.. وزيارة "جيهان السادات" طمأنت أهلي
الرقيب فاروق وأبطال سلاح المدفعية المعاونه للمشاه |
"نستكمل
في هذه السطور حديثنا مع البطل رقيب مهندس فاروق محمود إسماعيل، في الجزء الثاني
من حلقة "منياوية صنعوا النصر 7" والتي بدأناها أمس بعرض الجزء الأول من
حوار البطل المنياوي الذي سرد كواليس مثيرة ومختلفة عن حرب إكتوبر 1973، وتوقفنا
عند وصول القوات المصرية لمنطقة "عيون موسى" ليحدث مالم يتوقعه أحد من
الجنود والقادة، كما جاء على لسان الرقيب.
"حصار
الثغرة"
يبدأ الجزء الثاني من الحلقة بالحديث عن حصار القوات المصرية، في منطقة "عيون
موسى" في الخامس عشر من أكتوبر، وحكي فاروق تفاصيل المعاناة والصبر قائلًا:
عند وصولنا لمنطقة "عيون موسي" ،إنقطع عنا خط "الرجوع" وتمت محاصرتنا،فتعايشنا
حالة صعبة، نتيجة قرب عيون موسي بمسافة 200متر فقط لخطوط العدو ،علاوة علي قذارة المياه
وإمتلاؤها بالحشرات والديدان ،ومع ذلك كنا نستخدمها في الشرب لإنقاذنا من
العطش،وكنا نقوم بتنظيم أنفسنا بــ"الدور" للذهاب لهذه العيون ،وكنا
ندفع دمائنا ثمنا لجركن واحد من هذه المياه الضحلة ،نتيجة تعامل العدو السهل مع كل
من يقترب من العيون ،خاصة أن هذه المنطقة تحتوي على "غاب كثيف" فيقوم
الجنود من العدو الإسرائيلي بإطلاق نيران
عشوائية كثيفة تجاه أشجار الغاب، مما يصيب الكثير من جنودنا،لذا كنا نذهب لملئ
جراكن المياه ليلًا في غياب ضوء القمر وزحفًا علي البطن حتي لا يشعر العدو بأي
حركة تعرضنا للأسر أو الضرب.
وإستكمل رقيب المشاة تفاصيل معايشته
حصار الثغرة: لم تكن بحوذتنا أية إمدادات ،ولا أكل ولا مياه ،لدرجة أننا
كنا نستخدم أيضا مياه "صدي الدبابات" والعربات في الشرب،فلم يكن لدينا
أي بديل آخر لمواصلة الحياة وإستكمال المعركة،حتي أن بعض الجنود حصلوا مصادفة على
إحدي الأماكن المجمع بها "مخلفات" الإسرائيليون ،وكانوا يبحثون فيها عن
أي طعام سواء كان فتات من الخبز أو طعام منتهي الصلاحية، حيث كانت الإمكانات
المادية للجيش الإسرائيلي تفوقنا بمراحل سواء في بناء الساتر الترابي أو إستخدام
أحدث المعدات ،حتي أنهم كانوا يقومون بتوفير كل أساليب الترفيه داخل مواقعهم والتي
كانت محصنة بأسقف حديدية مصنوعة عن طريق "فك"قضبان السكك الحديدية ،فكان
قريب من منطقة الحصار إحدي أماكن المخلفات للموقع الذي كان يفصله عنا مسافة قريبه
جدًا،فكان العساكر يأتون بطعام منتهي لنأكل منه .
" بطولة شهيد
البيهو"
وأثنى الرقيب فاروق محمود ،على بطولة وفدائية عريف متطوع "أحمد
شلقامي" أحد شهداء محافظة المنيا،إبن
قرية البيهو،التابعة لمركز سمالوط، الذي ضحى بحياته لإنقاذ زملائه من "قناص
المزاغل"الإسرائيلي، والذي ظل يطلق نيرانه عبر فتحة المزغل دون أن نراه
،ويسقط منا شهداء ،إلي أن إستطاع الشهيد أحمد شلقامي أن يرى القناص،وقرر أن يزحف
علي بطنه حتي وصل للمنطقة "الميته" تحت ماسورة مدفع المزغل ومعه
"شيكارة" معبأة رمل ،إلي أن وصل لفتحة المزغل وقام بغلق الفتحة وقتل
القناص،حتي شاهده جندي مزغل آخر ،وقام بتصويب النيران عليه بكثافة حتي تعلق قميصه
بالسلك الشائك المحاط بالمزغل ليلقي ربه شهيدًا ضحى من أجل وطنه وزملائه.
"حصار
السويس"
الرقيب فاروق |
ويكمل رقيب المشاة :أنه في أثناء حصار الثغرة ،إستغل الجيش الإسرائيلي
الموقف،ليتوغل ناحية السويس،عبر ثغرة كانت بين الجيشين الثاني والثالث عند
البحيرات "المرة"، وقاموا بحصار منطقة "الأربعين" ،وتدمير قسم
شرطة الأربعين عبر 34دبابة برمائية، بمساعدة مدفعية فولاذية كان يسميها الأهالي
"أبو جاموس" من صوتها المخيف ،وقوة ضرباتها العسكرية التي حولت القسم
لكتل من الدمار،إلي أن تدخل قائد سلاح المشاة والمدفعية المعاونة -والتي كان منها
سلاحي- ، الفريق عبد المنعم واصل، وقام بجمع الجنود الحاملين لسلاح الــ"ار
بي جي" والذهاب بهم للسويس ،ليقود معهم معركة تخليص الحصار هناك، فكانت
القوات الإسرائيلية تحاصرنا من جميع الجهات، لتتدخل القيادة المصرية بتحريك الفرقة
الرابعة مدرعات ،للضغط علي القوات المحاصرة للسويس ،لتبدأ مفاوضات برئاسة الأمم
المتحدة وقوات من الجيشين المصري والإسرائيلي.
"مفاوضات
الكيلو 101 "
يواصل إسماعيل: جمعت المفاوضات التي عُرفت بمفاوضات الكيلو 101 الجانب
الإسرائيلي وقيادات من الجيش المصري،داخل خيمة خاصة بالأمم المتحدة، وأسفرت
المفاوضات عن إدخال الغذاء للجانبين ،فأبلغت القيادة أن عدد المحاصرين من الجنود
في الجيش الثالث 20ألف مقاتل، إلا أن الرقيب
أكد أن العدد كان نحو 50ألف مقاتل ،فبالتالي كان يوزع سدس المعونات
الغذائية علي الكتائب بمعدل فرد بين كل ستة أفراد،وكانت المفاوضات تطول يومًا أو
بعد يوم ،والوجبات لا تزيد يوميًا عن 20ألف ،لدرجة أننا كنا نُقدر الطعام ،فمثلًا
كنا نوزع كوب صغير من الدقيق لتحضير خبز
على أربعة أفراد.
"قشر البرتقال
ومخلفات الفئران"
وأردف الرقيب فاروق: كنت صائمًا وقت المفاوضات ونحن لا نزل تحت الحصار،فكنت أبحث يوميًا عن "قشر برتقال
مقعر" معصور ومستهلك،وأقوم بترطيبه من الليل ،وأفطر عليه وقت آذان المغرب،
وهناك بعض العساكر كانوا يبحثون عن مخلفات الفئران لكي يتغذوا عليها،إستمرينا على
هذه الحالة، حتي سمعنا بأنباء وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب من الإذاعات، وكانت
الفرحة تغمر جميع الجنود لتحقيق النصر وفك الحصار.
"زيارة
ومطلب"
وعن كواليس ما بعد فك الحصار والعودة للجبهة في سيناء بعد وقف إطلاق النار
،ذكر فاروق أن السيدة جيهان السادات قامت برفقة وفد عال المستوي ،من قيادات عسكرية
خاصة من الدفاع الجوي،وكذلك مجموعة من الصحفيين وأعضاء مجلس الشعب وقتها،وتم
إختياري ضمن المجندين الذين وقفوا على معرض "الأسلحة الإسرائيلية" التي
عدنا بها من السويس وحصلنا عليها من سيناء،وتقابلت مع أحد قيادات سلاح الدفاع
الجوي المشاركين في الضربة الجوية الأولي ،وشكرته لما قدمه،فقال لي :مش محتاج حاجه
،وطلبت منه أن يطمئن أهلي ،وأعطيته العنوان.
"ذكريات مؤلمة"
وبعد إنتهاء الحرب ،تذكر الرقيب رفات زملائه من الجنود الشهداء،الذين شارك
في دفنهم ،أثناء العودة من سيناء ،ويعتري صوته نبرة حزينة: "أصعب لحظة مرت
عليّ في حياتي ،عندما كنت في طريقي للعودة،تاركُا أخواتي وأحبتي بعد أن قمنا
بدفنهم في رمل سيناء ،وحوطنا عليهم بالحصى وجذوع النخيل،حفاظًا علي جثمانهم من
الأضرار".
"العودة"
وعن عودته لأهله بمدينة المنيا بعد إنتهاء الحرب ،أكد إسماعيل أن أهله لم
يعرفوا عنه أي شئ ،وقيل له بعد عودته ،أن مبني محافظة المنيا كان يعلق عليه يوميًا
،طيلة فترة الحرب،كشوفًا بأسماء الشهداء والمصابين،من أبناء المحافظة،وكان أهالي
القادة والمجندين المفقودين يبحثون فيها
عن ذويهم بإستمرار،ومن ضمنهم أهلي.
وواصل: فوجئت بأن ضابط الطيران الذي أعطيته العنوان ،أرسل أحد الأفراد
لأسرتي بهدية لهم،وأبلغهم أني بخير وسأعود قريبًا،وبالفعل عدت ،وسط إستقبال حافل.
"التكريم"
وفي نهاية الحوار طالب الرقيب المتقاعد بضرورة الإهتمام بمن تبقي من جنود
وضباط ،ممن شاركوا بالحرب، وتكريمهم ولو بشكل معنوي من قبل الدولة.
كاتب متميز دائما ما ننتظر منك الافضل والاروع..بالتوفيق
ردحذفالف شكر جدا ونتمني نكون عند حسن الظن
حذفجميل يا استاذ احمد
ردحذفربنا يكرمك حضرتك ..شكرا
حذفشير عشان الناس تعرف قصص الابطال دي