"حكايات الفن والسمر على رمال تونا الجبل" حلقة 1 .. " طه حسين وحفلات البدو"
إتخذ الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي من
إستراحته بمنطقة تونا الجبل والتي بناها في منتصف الثلاثينيات، مكانًا للإسترخاء
يأتيها صيف كل عام تقريباً، حيث كان يتابع عن قرب
أعمال الحفر ويحلق بخياله الخصب في دروب الماضي البعيد وظل على هذا الحال حتى
تم إكتشاف المقبرة المعروفة باسم "ايزادورا" والتي لقبها عميد الأدب بشهيدة
الحب.
كان يتواجد
"طه حسين" لمتابعة بعض الإكتشافات قبل بناء الإستراحة،وذات مره قرر إقامة حفلات شواء وترفيه تخفيفاً لأعباء أعمال
الحفر والتنقيب، وظل حريصاً عليها لأسباب عديدة .
شكلت طبيعة تلك الحفلات طابعاً جديداً لمنطقة "تونا الجبل" جعلتها بلورة للفنون الشعبية أيضاً، بدأ ذلك في منتصف
الثلاثينيات عندما إجتمع طه حسين مع بعض العمال من أبناء الصعيد والريف المصري
وأبناء البادية أيضاً، في حفلات سمر خاصة بهم، وقبلها كان يشترط أن يكونوا أصحاب لهجات وثقافات مختلفه
ومن أهل القرى، وكان يسألهم عن أشكال الأفراح والأغاني التراثية المميزه لهم، كان
يسألهم عن أسماء الرجال والسيدات الغريبه التي تتواجد في مجتمعاتهم.
كل هذه الأسئلة والتحضيرات التي كانت تدور في ذهن طه حسين كان لها أثراً
بالغاً عن أعماله الفنية والأدبية، وأنتجت لنا عملا رائعاً "دعاء
الكروان" الذي مثل صراعاً بين بعض العادات إنتقالاً من الحياة البدوية للمدينة، كما شاهدنا في شخصية "آمنه"
التي جسدتها الفنانة الرائعه فاتن حمامه وصور أجزاء منه داخل إستراحة الدكتور طه
حسين بتونا الجبل، حيث كان إسم آمنه من ضمن الأسماء التي سمع عنها العميد بإحدى
سهراته من البدو .
ومن شدة إعجاب حسين بالتراث البدوي كان يقيم للعمال البدو حفلات خاصة بهم
دون سواهم، وفي إحدى الحفلات منح العميد مبلغاً من المال لأحد العمال البدو وطلب
منه التنسيق مع زملائه العاملين لإقامة حفلا ساهراً يجمع كل أشكال التراث البدوي
من رقصات ومأكولات وزي وخلافه، ومع تحديد موعد الحفل وقعت ثمة مشكلة وهي أن العمال
لا يستطيعون المجيء براقصة بدوية لأداء "الحجالة" وهنا ظهر "جبريل
عبد الرازق" أو العفريت كما لُقب... يتبع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا على دعمكم المستمر