"فارس
بلا جواد يحتمي بالقايات".. مذكرات حافظ نجيب.. الحلقة الثانية "حيلة
الهروب من شك الشيخ حسن"
توقفنا في الحلقة الماضية حينما وافق الشيخ عبد الوهاب القاياتي رحمه الله
على حماية حافظ نجيب من البوليس ومطاردات الإحتلال، وإتخاذه لإسم "مصطفى
حسن" أو المجذوب، حتى راق لضيوف المضيفة ومريديها إلا واحد من عائلة القاياتي
كان دائم للشكوك في أمره وهذا ما سنكشفه في حلقة اليوم على لسان المناضل في
مذكراته.
يقول حافظ نجيب " كان الشيخ مصطفى القاياتي عالماً من علماء الأزهر، وكان من المشايخ والضيوف النازلين في دار الضيافة طلاب علم في الأزهر، كانوا جميعاً في العطلة السنوية، فبدأ الشيخ مصطفى يدرس لهم كتاب جمع الجوامع في قاعة بالدور العلوي من دار الضيافة، فحضر "مصطفى حسن" الدرس مع الحاضرين ليتعلم إلي جانب الشيخ إبراهيم القاياتي والشيخ غزلان وغيرهما.
ويضيف المناضل في مذكراته : ( أما الشيخ حسن القاياتي فلم يكن يحضر تلك
المجالس في دار الضيافة، وكان في سن الشباب مولعاً بالشعر ، وأذكر أن الشيخ كان
كثير الأناقة يهتم بثوبه وهندامه ثم بإعتزال الناس، إنما يحلو له الجلوس في دكان
عطار بالجهة الشرقية من القرية بالقرب من دار الضيافة، وقد ضمني والشيخ حسن المجلس
في الدكان مرات كثيرة، وكان يكثر من الأسئلة عن الماضي وذكرياته، فكنت كمجنون أبذل
الجهد لتذكر ذلك الماضي البعيد، وليس من الغريب أن يشك الشيخ حسن في صحة ما قيل عن
جنوني ثم شفائي، ولكني لم أنفر منه كما توهم بسبب كثرة أسئلته لأنه تلقى الأجوبة
في حرص وكثيراً ما بدت عليه مسالك الريبة إلي نفسه).
مضيفة القاياتي حالياً |
ونشرت الصحف في أحد الأيام إعلاناً من مجلس مديرية "جرجا" يطلب ناظراً لمدرسة سوهاج الإبتدائية، وخطر لي أن أمنع الشك في صحة دعواي بالجنون، فتظاهرت بالرغبة في التوظيف فكتبت خطابا إلى مديرية جرجا أطلب تلك الوظيفة ذاكرًا ظروفي التي قيلت لأهالي القايات، وكنت علي يقين من أن ذكر حادثة الجنون والإقامة في مستشفي المجاذيب وهي من الأسباب الكافية لمنع مدير جرجا من النظر في طلبي، وعرضت الخطاب على الشيخ إبراهيم القاياتي لتصحيحه إذا كان به خطأ أمام الحاضرين فضحك بصوت عال وقرأ الكتاب للحاضرين ثم قال " لغة الكتابة والأسلوب يبعثان الإعجاب وليس بمقدور العقلاء الكتابة بهذا الأسلوب"... فكانت ملاحظته ملحة أضحكت الحاضرين ومنهم المرحوم الشيخ مصطفى القاياتي، ثم أخذ الكتاب وأرسله إلي البريد ...ومن المحقق أن المدير أرسله بدون ترد إلي "السلال" ..وذلك طبقاً لما كتبه نجيب نصاً بمذكراته، وكان خطاب الوظيفة بمثابة حيلة لإثبات إدعاء الجنون والهروب من أسئلة وشكوك الشيخ حسن القاياتي حتى أصبح مقتنعاً بأن حافظ مجنون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا على دعمكم المستمر