هؤلاء صنعوا عيد المنيا القومي .. حلقة 1: "مقدمة"

هؤلاء صنعوا عيد المنيا القومي .. حلقة 1: "مقدمة"

 

من مجلة كل شئ والدنيا عدد خاص عن ثورة 1919

لم تكن ديرمواس وحدها صاحبة البطولة في هذا اليوم الكبير ، فالثامن عشر من مارس عام 1919 هو يوم بطولي لكل شعب المنيا الذي جسد معان التضحية والمقاومة في كل ربوع المحافظة، على الرغم من تصدر ديرمواس المشهد بحادث قطار الإنجليز ومقتل قائد الانجليز السير "بوب" إلا أن جميع مراكز المحافظة تحتفظ بقصص من البطولات والشخصيات التي صنعت أمجاد المقاومة والصمود في هذا اليوم التاريخي.

 

 

وتستعرض "ويكي منيا" عبر سلسلة "هؤلاء صنعوا عيد المنيا القومي" حكايات أبطال ربما تجاهلهم التاريخ دون أن يخلد ذكراهم في ثورة 1919 والتي حظيت بلقباً خاصًا بين أهالي محافظة المنيا والذين أطلقوا عليها "ثورة الدم والعسل"، بعدما قام أهالي ديرمواس بتأجيج نيران الثورة بقيادة الزعيم الخالد خليل أبو زيد وقاموا بالتسبب في إنقلاب قطار إنجليزي يقل قائد السجون الإنجليزية ، فقاموا بمحاصرته والقبض عليه وقتله .

 

ليس هذا فحسب فهناك الكثير من الأحداث التاريخية الخاصة بدور أبناء محافظة المنيا في تلك الثورة المجيدة ، لم تعرف من قبل إلا لقليل من المهتمين بهذا الشأن ، لذا نريد أن نجعل من هذه السلسلة مرجعاً تاريخياً للتعريف بأبطال ثورة 19 وكما أحب أن أطلق عليهم "أبطال الظل" الذين شاركوا في التخطيط لثورة 1919 والتجهيز لها سرًا وعلنًا ، إلي تم إعلان "المنيا" كأول إمبراطورية وجمهورية  مستقلة عن الحكم البريطاني ، ووصفت الصحف الإنجليزية بطولات المنياوية بالوحشية ضد جنودها.

 

بصفة عامة قامت ثورة 19 نتيجة للمعاملة القاسية التي عاناها المصريون من قبل البريطانيين والأحكام العرفية التي أصدرت بحق المصريين ، ورغبة المصريين بالحصول على الإستقلال،خاصة بعد إعتقال الإنجليز لسعد باشا زغلول والوفد المكلف بالدفاع عن قضية إستقلال مصر ، والذي تم تشكيله عام 1918 ، وكان من ضمن قياداته السبعة على باشا شعراوي زوج المناضلة المنياوية هدي هانم شعراوي ، وقد تألف الوفد من "سعد زغلول ومصطفى النحاس ومكرم عبيد وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وأحمد لطفي السيد وآخرين" ، وأراد الوفد المشاركة في مؤتمر الصلح لرفع المطالب المصرية بالاستقلال ، وإزاء تمسك الوفد بهذا المطلب ، وإزاء تعاطف قطاعات شعبية واسعة مع هذا التحرك ، قامت السلطات البريطانية بالقبض على سعد زغلول وثلاثة من أعضاء الوفد هم محمد محمود وحمد الباسل وإسماعيل صدقي ، ورحّلتهم إلى مالطة في الثامن من مارس عام 1919 ، ليشهد التاسع من نفس الشهر شرارة أول ثورة شعبية تشارك فيها جميع طوائف الشعب وفي مقدمتها السيدات في مصر وتخرج في كافة ميادين المحروسة.

 

وتشكل الوعي القومي بالمنيا قبل قيام الثورة بقليل وذلك حينما قاطع المنياوية الإحتفال بذكرى الحماية البريطانية على مصر رغم محاولات القادة الإنجليز وكان الفضل في ذلك لقيادات الحركة الوطنية بالمنيا منها الشيخ الدكتور محمود عبد الرازق ومحمود ناصف ومحمد الميرغني وحافظ مختار، وصولاً لقيام ثورة 1919 والتي شارك فيها المنياوية بدء من يوم 12 مارس بمظاهرة سلمية شكلها جموع الطوائف والفئات، وكانت تزيد حدة المظاهرات والإحتجاجات يوماً بعد يوم إلي أن قرر الثوار قطع خطوط الهواتف والسكك الحديدية عن الانجليز.

 

ومنذ ذلك اليوم أراد شعب المنيا أن يصنع لنفسة مجداً جديداً في مقاومته للإحتلال، وكان يوم الثامن عشر من مارس يوماً من أيام الله الخالدة الذي صنع فيه أبطال الظل تاريخهم وعرفت مصر كلها تضحياتهم، بدءً من محمد أحمد أنيس ناظر مدرسة بأبوقرقاص، وأبو المجد أفندي رئيس نقطة شرطة ديرمواس، والدكتور خليل أبو زيد، والشيخ مصطفى القاياتي، ومراد باشا الشريعي، وإبنة مطاي دولت فهمي، وعمدة قرية الأشمونين بملوي، والشيخ أحمد حتاته والمحامي رياض الجمل صاحبا الإستقلال، ويوسف فهمي مصطفى كبير أعيان بني مزار، وغيرهم من الشخصيات التي شاركت بقوة وكان لها دوراً بارز وفعال، وصنعت بطولاتهم يوم الثامن عشر من مارس 1919 يوماً يفتخر به أبناء عروس الصعيد، يوماً جعلته المنيا عيداً قومياً لها، وذكرى خالدة يحتفل بها أبناؤها كل عام...لذا وجب علينا أن نشير بالبنان لقصة كل أبطال الثورة المجهولين والمعروفين أيضاً لما قدموه من تضحيات وأمجاد، ونستعرض بطولة كل فرد على حدة ضمن حلقات السلسلة الجديدة ...يتبع.