قبل العيد القومي بـ100عام .. من هنا بدأت حركة المقاومة
الشعبية بالمنيا :- حلقة 3 "خديعة الضرائب" تطيح بإنتصارات أهالي "طهنشا وتله" ضد
الفرنسيين
إشتد غضب أهالي المنيا تجاه الفرنسيين وما أحدثوه من خراب ودمار بمدن وقرى
الصعيد وكان أخرها مأساة محرقة قرية "أبي جرج" ببني مزار، مما جعل أبناء
مدينة المنيا يخططون للإيقاع بالجنود الفرنسيين فور علمهم بقدوم الحامية الفرنسية
في الثالث والعشرين من إبريل عام 1799، ودارت معركة قوية بين ثوار المنيا وجنود
الحاميه الفرنسية، عرفت بمعركة "الأيام الثلاث".
وبحسب ما جاء بكتاب "تاريخ المنيا" فقد هاجم ثوار المنيا الحامية الفرنسية فور وصولها مدينة المنيا لثلاثة أيام متواصلة، حيث تجمع الأهالي والفلاحين بقرية "طهنشا" استعداداً لمهاجمه القائد الفرنسي "داتريس" وجنود الحاميه، وتعقبوهم وصولاً إلي تله ودارت معركة في اليوم الأول كُتب فيها الإنتصار لفلاحي المنيا الذين أجبروا "داتريس" على الإنسحاب.
وفي اليوم التالي عاد القائد الفرنسي وحاميته إلي "تله" وكانت المعركة سجالاً لم يتفوق فيها الفرنسيون ولم يسجل ثوار المنيا إنتصاراً، حيث إمتدت المعركة لليوم الثالث واستطاع رجال تله وطهنشا مهاجمه الحامية وإقتحام أبوابها، وظنوا أن النصر قد تحقق، وإذ بالفرنسيين يفتحون النيران في وجه الفلاحين الذين لم يلقوا دعماً من جيرانهم بباقي القرى، فتغلب الجنود الفرنسيين على الثوار.
وذكر حسام وصفي أحد المهتمين بتاريخ المنيا، عبر صفحات بريد القراء بجريدة "الأهرام" بعض تفاصيل المعركة قائلاً : (فى ٢٣ أبريل ١٧٩٩ وأثناء احتلال الجيش الفرنسي المنيا، ثار الأهالى واحتشدوا فى قرية طهنشا قريبا من مدينة المنيا حيث تجمع فيها الفلاحون وأبناء القبائل وبعض عرب الحجاز الذين تطوعوا لمقاومة الفرنسيين عبر القطر المصرى كله حيث بلغ عددهم ٣٠٠ أو ٤٠٠ فرد مسلحين بالبنادق والفؤوس والسيوف، وتحركوا إلى قرية «تلة» التى تقع بغرب المنيا على مسافة ثلاثة كيلو مترات تقريبا تمهيدا للهجوم على الحامية الفرنسية الموجودة داخل مدينة المنيا بقيادة الجنرال ديتريس، وكان عددها نحو ٤٠٠ أو ٤٥٠ جنديا وضابطا فرنسيا، وبلغ هذا الجنرال خبر احتشاد الأهالى بقرية تلة، فخرج لهم كخطوة استباقية وبرفقته ٣٠٠ جندى وضابط تاركا فصيلة من القوات الفرنسية لحماية مدينة المنيا وخطوطه الخلفية، وقابل الثوار عند قرية «تلة» وبدأت معركة حامية الوطيس بينهم حيث شكل قواته فى صورة مربع، ووضع أمامهم ثلاثة مدافع وفقا للأسلوب العسكري الفرنسي المتبع حينذاك، وقصفهم بها ودارت معركة لمدة أربع ساعات حتى حل الظلام، فانسحب بجيشه بعد أن رأى دخول ٤٠٠ فارس من المماليك كانوا قادمين من الجنوب للاشتراك فى المعركة، ومن ثم أغلق أبواب المدينة لإعادة ترتيب قواته إلا أن الثوار شنوا هجوما على البوابة الشمالية لمدينة المنيا صباح ٢٤ أبريل ١٧٩٩ وهو الْيَوْمَ الثانى، وتمكنوا من دخول مدينة المنيا والانتشار فى شوارعها، فأمر الجنرال ديتريس الحامية الفرنسية بقتال الثوار وإخلاء الشوارع الرئيسيّة منهم وتمكنت القوات الفرنسية بعد قتال مرير من إجلاء الثوار إلا أنه فى الْيَوْمَ الثالث بتاريخ ٢٥ أبريل عام ١٧٩٩ كرر الثوار محاولتهم لدخول المنيا، ولكن من سوء الطالع، تصادف وصول الجنرال دافو بقوات فرنسية كثيفة العدد بالقرب من مدينة المنيا، ودخل فى قتال عنيف معهم، وتمكن من هزيمة الثوار والقضاء على ثورة المنيا ضد الحملة الفرنسية، حيث انسحب الثوار مخلفين٦٠ شهيدا من الفلاحين وعربان المنيا وعرب الحجاز والمماليك، و١٥٠ جريحاً بينما قتل من الفرنسيين ١٠ من الجنود والضباط و٢٠ جريحاً).
وأشار المؤرخ عثمان فيض الله بأن العديد من المصادر التاريخية الفرنسية أكدت أنه لولا تراخي بعض أهالي مدينة المنيا في نصرة إخوانهم، لما تغلبوا عليهم، وكان نتيجة ذلك هي مكافأة الفرنسيين لكل من لم يشارك من الأهالي مع الثوار ، فقرر النظام الفرنسي اسقاط ثلث الضرائب التي فرضوها على أهالي مدينة المنيا، مكافأة لهم على عدم مشاركتهم بأيام المعركة الثلاثة، مع مضاعفة الضرائب على أهالي القرى التي هاجمت الحامية الفرنسية.
لم يكترث أهالي المنيا لشدة معاناتهم من الفرنسيين، وتجمع الثوار مرة أخرى
بالمدينة وإنضم إليهم العديد من ثوار بني سويف والفيوم، لملاحقة الفرنسيين بكل
مكان سواء بالمقاومة المسلحة أو المقاومة السلبية التي تعرف بـحرب العصابات.
ظلت المقاومة مستمرة من أهالي المنيا للفرنسيين في كل مكان، حتى وصلت
الحمله إلي قرية القايات بالعدوة شمالاً، ومنها من بقي في الجنوب صوب ملوي، لكن
تفاجأ الفرنسيون بما وقع على أرض القايات، ولولا خيانة أحد أثرياء ملوي للثوار
لحققوا الإنتصار الكبير .. يتبع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا على دعمكم المستمر