"حمل نهايتين وصور بمنطقتين والاطرش طلب بطولته" .. أسرار حول فيلم «دعاء الكروان»
فيلم "دعاء الكروان" هو أحد أفضل أفلام السينما المصرية،وصنف كسادس افضل فيلم في تاريخ السينما وذلك خلال استفتاء مجلة "فنون" عام ١٩٨٤.
الفيلم مأخوذ عن رواية الدكتور طه حسين والتي تحمل ذات الإسم، وتحكي قصة حقيقية وقعت أحداثها في قرية بني وركان التابعة لمركز مغاغه مسقط رأس عميد الأدب العربي،حيث ظلت قصة " هنادي" عالقة برأسه حتى قرر كتابة تفاصيلها في رواية داخل استراحته الخاصة بمنطقة تونا الجبل الأثرية بملوي.
![]() |
المشهد الوحيد الذي تم تصويره بتونا الجبل |
وبعد مرور ٦٢عام على إنتاج وعرض الفيلم عام ١٩٥٩، والذي أخرجه العبقري هنري بركات، وقام ببطولته سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والفارس أحمد مظهر وعديد النجوم أمثال أمينة رزق وزهرة العلا ورجاء الجداوي وآخرين، ظهرت حاله من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي حول مناطق تصوير الفيلم،وذلك بعد تأكيد البعض تصوير أحداث الفيلم بإحدى قرى الفيوم.
وبعد بحث دقيق، توصلت "ويكي منيا" لعدة أسرار حول الفيلم نقلت على لسان مخرج الفيلم هنري بركات، وبعض المؤرخين المطلعين بتاريخ السينما المصرية.
السر الأول أن الفيلم لم يكن يخرج للنور وكانت ستظل الرواية بعيدة عن السينما لولا المطرب والفنان فريد الاطرش والذي طلب من بركات الإطلاع على رواية دعاء الكروان لتحويلها لفيلم سينمائي على أن يأخذ فريد دور البطولة، وبعد أن قرأ المخرج الرواية فاجأ فريد الأطرش برده قائلاً: "الدور مش مناسب ليك إنسى الموضوع خالص"!!، لينتهي المشروع الأول للفيلم حبيس الادراج.
ظلت رواية دعاء الكروان مع المخرج " هنري بركات" وفي أثناء تصوير فيلم «حسن ونعيمه» والذي حمل التجربة الأولى لأفلام " الفلاحين" للمخرج ،مر بركات على قرية في حضن الجبل فقال هذه القرية تناسب "آمنه" ليقرر إنتاج وإخراج فيلم دعاء الكروان في نفس عام ١٩٥٩ مع «حسن ونعيمه»- والتي دارت أحداثه الحقيقية أيضاً في إحدى قرى المنيا-.
![]() |
المخرج هنري بركات |
"كنت مرعوب وانا بعمل حاجه للدكتور طه حسين، خفت اقرب للرواية ده جو غريب عليا!!".. هكذا صرح المخرج الرائع بعد نجاح الفيلم والذي حصل على أحد أكبر جوائز السينما في "لوس انجلوس" بأمريكا، وواصل هنري قائلاً: " بعد قرار تنفيذ الفيلم ذهبت لمقابلة الدكتور طه حسين، واستقلني في منزله وقال لي ( يا استاذ الرواية دي مفيهاش صور وانت عارف اني مبقدرش اكتب صور، فقولت له إسلوب الرواية يوحي بصور..فإذا سمحت عاوزين نعملها للسينما، فقال: مين اللي هيكتب السيناريو،فقلت: يوسف جوهر.. وانا يسعدني أعرض عليك العمل أول ما نخلصه..إذا حضرتك وافقت نبتدي الإنتاج.. فرد الدكتور قائلاً: طيب وهيكون معايا الدكتور مؤنس، فقلت: وهو كذلك)، وكان هذا الحوار اعلان لبدء إنتاج الفيلم.
![]() |
د.طه حسين بالعرض الخاص لفيلم دعاء الكروان |
ويضيف المخرج هنري بركات خلال حواره النادر ببرنامج عرض خاص مع الإعلامية القديرة سلمى الشماع: (أثناء كتابة السيناريو ذهبت مجدداً للدكتور طه حسين لعرض إمكانية تغيير نهاية الرواية لأنها غير مناسبة للفيلم، فنهاية رواية دعاء الكروان تقول أن آمنه تعيش وتبقى مع المهندس وهي صورة يصعب تقبلها، فقال لي أن يتم تصوير النهايتين الأصلية والمقترحة وأسمعها أثناء المونتاج وبصحبتي مؤنس، وبالفعل هذا ما تم وأعجب الدكتور مؤنس بنهاية الفيلم حيث يقتل أحمد مظهر بالمشهد الاخير، وقال له: " يابابا النهاية دي تتماشي مع عقل المتفرج والناس هتتقبلها" وتمت موافقة عميد الأدب العربي على هذه النهاية، كما حضر العرض الخاص بصحبة نجوم العمل).
أما عن كواليس القصة الحقيقية للفيلم، كشف المؤرخ الراحل موفق بيومي خلال إحدى مداخلاته ببرنامج ٨ الصبح بقناة دي ام سي أن أحداث فيلم «دعاء الكروان» من قصة حقيقية وقعت عام ١٨٩٠ في نهاية القرن التاسع عشر اي قبل عرض الفيلم بحوالي ٧٠ عام، في إحدى قرى المنيا، وقد رصدها طه حسين حيث كانت هنادي تنتمي لقرية قريبة من مسقط رأسه بمغاغه، فكان يسمع قصتها مراراً حتى حفظها ونقلها في رواية حتى أنها تكاد تكون مطابقة تماماً للحقيقه.
![]() |
فاتن حمامة وطه حسين |
وفيما يتعلق بتصوير احداث الفيلم، فقد تم كتابة الرواية داخل استراحة الدكتور طه حسين بمنطقة تونا الجبل، وتم تصوير مشهد واحد فقط داخل الاستراحة،بعدما حضر بركات لتونا الجبل ومعه فريق التصوير، ووجد أن المنطقة أثرية وجبلية لا تصلح للمناظر الطبيعية، وتم تصوير باقي أحداث الفيلم بقرية نزلة الفيوم لأنها كانت مناسبة تماماً للتصوير كما تم التصوير داخل إحدى الاستراحات التابعة للدكتور طه حسين هناك، وبذلك تكون القصة قد حدثت في مغاغة وكتبت بملوي، وتم تصوير الفيلم بالفيوم.
![]() |
استراحه طه حسين التي شهدت تصوير مشهد واحد لفيلم دعاء الكروان |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا على دعمكم المستمر