"مُسافر عبر الزمن"..يصحبكم في رحلة إلي "المنيا التي لانعرفها" 4: "مقهى كيمو" والخواجه القبرصي
مقهى كيمو الجديد |
البنك الاهلي المتحد فرع المنيا المنيا ميدان بالاس شارع ابن الخصيب المنيا شارع ابن الخصيب بالمنيا شارع ابن خصيب المنيا شارع ابن خصيب بالمنيا كافيتريا كيمو الجديده المنيا كافيتريا كيمو الجديده بالمنيا
كافيتريا كيمو الجديده جديد مدينة المنيا ميدان بالاس ميدان البوسته ميدان البوسته جامعة المنيا ميدان بالاس المنيا
تستكمل "ويكي منيا" رحلتها بصحبة ذاك المسن الجليل الذي جاء من
"قاهرة المعز" ليسترجع ذكريات تاريخ المنيا، بلدته الحبيبة إلي قلبه كما
كان يقول دوماً، فبعد أن هبط من القطار على رصيف محطة المنيا مسترجعاً ذكرياته مع
الميدان وبناء المحطة الحديث والموقع القديم "شاهد الحلقة"، وتفحصنا
دفتر زيارات فندق "سافوي" وتجولنا داخله وعرفنا تاريخ مقهاه حتى تم غلقه"شاهد
الحلقة".
ذهب صاحبنا المسن ليشتري الجرائد والكتب من أكشاك "عم حكيم" و"عم حنا" والتي كانت تعرف بمراكز التنوير الثقافية بالمنيا" شاهد الحلقة"، واعتاد أن يبدأ يومه بقراءة الجرائد بصحبة فنجان القهوة بمقهى "كيمو" جالساً مع صديقه الخواجة "نيكولا" ليعلمه أخبار الدنيا ممن حوله.
يسرد صاحبنا المسن ذكرياته من مقهى "كيمو" والذي بناه والد الخواجه نيكولا في مدينة المنيا وتحديداً على ناصية شارع "إبن خصيب" في ميدان بالاس، ليكون هذا الفرع هو ثالث فروع "مقاه كيمو" بالمنيا.
المقر الحالي لموقع مقهى كيمو القديم |
يقول صاحب الذكريات : "هنا مكان هذا البنك الواقع في الدور الأرضي من
ركن البرج الأسمنتي "البنك الأهلي المتحد"، كان يوجد مقهى
"كيمو" لصاحبه أعظم قصاصي عصره الخواجه "نيكولا"، أقف حاملاً
حقيبتي الثقيلة وجسدي المنهك مسترجعاً صورة المقهى القديم المكون من طابق واحد
واسع الأرجاء حيث لا طابق يعلوه، وإن كان بمفرده يوازي حالياً إرتفاع ثلاث طوابق
من البنايات الحديثة، مستحوذ وحديقته على نحو 1000متر كامله".
وينقل صاحبنا المسن قصة مجئ الخواجه نيكولا وعائلته إلي المنيا، كما جاءت على لسان صاحبها "بدأت القصة بالإسكندرية حينما أعلن جد الخواجه نيكولا إفلاسه، بعدما كان يملك مطعماً بالإسكندرية، ووافق مجبراً على زواج إبنته من والد "نيكولا" الفقير، واللذان قررا ترك عروس البحر المتوسط ورحلا إلي المنيا".
استقر والد نيكولا وزوجته بالمنيا عقب زواجهما بشهور قليلة، ليفتتح الخواجه مقهاه الأول بميدان "البوسته|" عام 1894، ثم مقهى آخر في ميدان "بالاس" مكان الجمعية التعاونية الحالية، وصولاً للفرع الثالث والأخير الذي نحكي عنه.
كافيتيريا كيمو الجديد بشارع بن خصيب |
كان "نيكولا" المولود بالمنيا عام 1905عاشقاً للموسيقى والفنون،
على الرغم من قضائه عشر سنوات دراسية في الفترة من 1923إلي 1932في باريس يتعلم
الطب والقانون ولو "على الورق"، حيث عاد إلي مصر بلا شهادات على
الإطلاق.
يواصل صاحبنا المسن قائلاً عن نيكولا : "كان يحكي لي في كل يوم ذكريات جديدة مع بهوات وباشاوات عائلات (سلطان والشريعي وعبد الرازق وشعراوي والقاياتي)، وعن قصة إبن عمه "كيمو" – والذي سميت المقاه الثلاثة على إسمه – المنتحر في زمن الأربعينيات حزناً على حبيبته التي هجرته بلا سبب.
يضيف صاحبنا المسن: نيكولا الذي كان وقت أن عرفته في الثانية والسبعين من عمره،لم يكن كباقي اليونانيين المتمصرين متزوجاً، فقد خصص حياته كلها للموسيقى الكلاسيك والمكتبة الفنية التي كان يقتنيها، ومقهاه الذي كان يضم بجانبه باراً ومطعماً وبقاله "افرنجية"، ولأنه كان بمفرده لم يستطع نيكولا الإحتفاظ بالبقالة والحلواني فهجرهما وقام بإيجار المطعم إلي "مصطفى أبو جبه" مقابل ثمن الإيراد فقط، واحتفظ لنفسه بإدارة المقهى والبار والإشراف على المطعم، والتي كان يتردد عليها دوماً الباشاوات والبهوات وكبار الموظفين والسياح وبعض السماسرة والوسطاء من "الهاي كلاس"،لم يكن نيكولا يسمح أبداً بدخول البسطاء لمقهاه.
واجهة الكافيتريا الجديده |
ويصف صاحبنا كيف كان يقضى نيكولا يومه بصحبة زبائن المقهى
"المنتقين"-الذي كان مؤرخنا الكبير "موفق بيومي" أو ذاك المسن
الذي كان وقتها في العشرينيات من عمره واحداً منهم- قائلاً : ( كعادتي منذ 1977
وحتى 1988أقف منذ الثامنة والنصف صباحاً أنتظر "عم مندي" و "الأسطى
مصطفى أبو جبه" و"زغلول" و"شعبان" و"عصام"
وباقي طاقم العاملين ننتظر "نيكولا" الذي كان سرعان ما يطل علينا بشعره
وشاربه الأبيضين الجميلين وجسده الضئيل وإبتسامته الدافئه.. يحني رأسه ناحيتي
قائلاً "بونجور" ثم يلتفت للباقين قائلاً "صباح الخير عليكم" ..يفتح
باب المقهى الرئيسي –ويجبرني- كل يوم أن أسبقه وهو يقول لي ضاحكاً "يا فندم باستبشر
بيك!").
يتذكر المؤرخ موفق بيومي قائلاً:"أدلف إلي الصالة الأولى في حين ينشغل العمال بفتح باقي أبواب المقهى الفاصلة بين القاعات والصالات ثم فتح النوافذ والأبواب المطلة على الميدان والشارعين.. يتركني نيكولا لأنفرد بنفسي جالساً فوق الكنبة الجلدية والمستندة على "البرافان" الخشبي الذي يفصل بين الصالة الكبرى وبين البار، يسرع بنفسه ليقدم الماء المثلج وهو ينحني بأدب مبالغ فيه وحب لا مبالغة فيه".
"أفرد إفطاري أمامي وقبل أن أنهيه يحضر عم مندي القهوة وفي أعقابها الشاي
أرتشفها على مهل وأنا ألتهم سجائر الصباح الأولى.. منفرداً مع تقليب صفحات الجرائد
الأولى.. ما أن أنتهى ليسرع ساحباً مقعده ليجلس في مواجهتي سائلاً إياي عن الجديد في
العالم، قبل أن يروي لي قصة جده القبرصي"
لم يستطع الخواجه المصري الصمود بممتلكاته في وجه طوفان الإنفتاح، فقرر عام 1988 على قبول عرضاً من أحد تجار الأخشاب الكبار أن يترك له "المقهى" مقابل 30 ألف دولار، لكن نيكولا اشترط على التاجر أن يدفع أولاً تعويضاً لعم مصطفى أبو جبه قدره 1000جنيه مصري ويستلمها منه عم "مندي" كبير الجرسونات مع منح مبلغ 500جنيه لكل عامل بالمقهى والمطعم تعويضاً عن تصفية العمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا على دعمكم المستمر