«معركه شرسه..فوز باهر» صحفيو الأقاليم يتوجون "عميد المنيا" وكيلاً للصحفيين
تواصل «ويكي منيا»كشف أسرار حياة إبن المنيا الكاتب الصحفي الكبير صادق سلامه أحد مؤسسي نقابة الصحفيين المصرية،وهو العضو رقم ٩١ من بين أول مائة عضو بالنقابة، كما انتخب عضواً ضمن ثالث مجلس لنقابة الصحفيين في الفترة من ديسمبر ١٩٤٣ وحتى ديسمبر ١٩٤٤،وكان المجلس برئاسة محمد عبد القادر حمزة نقيبا و كلا من إبراهيم المازني وعبد الحليم محمود وكيلين.
حمل سلامة سمات شخصية وقيادية رائعة،تكونت لديه من دخوله للعمل العام والتطوعي حتى قبل دخوله لعالم صاحبه الجلاله،ما جعله صاحب رأي ورؤية مكنته من البقاء عضوا بمجلس نقابة الصحفيين لأربعة مجالس متتالية، ما جعل هناك ثمة فكرة تدور في ذهن صحفيي الأقاليم خاصة وأن سلامه كان يفتح باب صحيفته ويمنح الأقلام للعديد من الكتاب والصحفيين عبر صحيفته «الانذار» ومنهم الكاتب الكبير سلامه موسى والبارع وديع فلسطين وآخرين سنذكرهم لاحقاً.
وأثار د. رامي عطا صديق استاذ الإعلام، مدى محبة الصحفيين للمصلحة العامة في اختياراتهم،حيث لم يكن لصادق أي خلفية مسبقة بانتخابات النقابة قبل عام ١٩٤٣ ورغم ذلك فاز بعضوية المجلس،فقدكان صادق سلامة عضوًا في نقابة الصحفيين المصريين التي تأسست في بداية الأربعينيات من القرن العشرين، بل إنه كان أحد مؤسسي تلك النقابة التي تأسست بالقاهرة سنة 1941م، ومن الواضح أنه كان عضوًا نشيطًا بها، كما كان يحظى بحب وتقدير الجماعة الصحفية المصرية، فقد اتجهت نية أصحاب الصحف الإقليمية إلى ترشيح صادق ليكون مُمثلًا لهم في مجلس النقابة، ولاقت الفكرة تأييدًا كبيرًا من كثيرين من أصحاب الصحف ومحرريها. فهكذا رشح صادق نفسه لعضوية مجلس نقابة الصحفيين في القاهرة، بل إنه نجح بشيء من التفوق على بعض المرشحين القاهريين أنفسهم.
وصف صادق معركته الانتخابية بالعنيفة، حيث أشار صادق في جريدته (الإنذار)، في عددها الصادر بتاريخ 19 ديسمبر 1943م، إلى أن المعركة الانتخابية بنقابة الصحفيين كانت عنيفة، ثم يقول "وقد فاز صاحب الإنذار في هذه المعركة العنيفة فوزًا باهرًا دل على ود وتضامن وعطف جميل وحسن تقدير بما نعجز إزاءه عن شكر، وبما نسجل معه آيات الإعجاب بهذا الموقف الكريم.
يصيف عطا أن صادق قطع عهداً على نفسه برفع شأن الصحافة وهذا ما فعله، كما كتب بنفسه هذا التعهد بأحد أعداد صحيفته قائلا: "وصاحب الإنذار يعاهد زملاءه أنه سيعمل مع العاملين لرفع شأن الصحافة وتحقيق مطالب المظلومين من خدام صاحبة الجلالة بما لا يتنافى مع الكرامة الواجبة وبما يحقق آمال المخلصين في خدمتها".
وقد عبرت بعض الصحف عن سعادتها بفوز صادق في انتخابات النقابة، ومن ذلك مثلًا أن جريدة (قارون) لصاحبها زكي يوسف الفيومي، التي كانت تصدر بمدينة الفيوم، نشرت تقول: "لا ريب أن فوز الأستاذ صادق سلامة جاء فوزًا لأصحاب الصحف الإقليمية الذين أجمعوا كلمتهم على انتخابه"، ثم أنها نشرت بعض ما قاله بعض أصحاب الصحف عن فوز صادق، ومن ذلك: "إن مرشحنا مجاهد قديم في الصحافة، عمل في عشرات الصحف اليومية والأسبوعية وأصدر عدة مجلات وجرائد، كانت آخرها (الإنذار) التي قطعت خمسة عشر عامًا في جهاد صحفي رفع شأن الصحافة الإقليمية في مصر، وهو يناضل بصحيفته دفاعًا عن كرامة الصحفيين
اتفق أصحاب الصحف الإقليمية ومراسلي الصحف الكبرى على إقناع عميد صحفيين المنيا بالترشح لمقعد وكيل نقابة الصحفيين في انتخابات مجلس النقابة لعام ١٩٤٧.
وبالفعل ساهم تحالف صحفيو الأقاليم في تتويج صادق سلامه وكيلا لنقابة الصحفيين لمدة عام حتى ديسمبر ١٩٤٨، ساهم في تلك الفترة البسيطه في تحسين أوضاع الصحفيين
يكفي إنه أول من ساهم في تأليف أول نقابة لمكاتبي الصحف ثم كان أول من رفع صوته يطلب للصحف المهضومة الإنصاف والمساواة. وأول من تقدم فتبرع لصندوق الادخار بخمسين جنيهًا.
وفي مجلس نقابة الصحفيين اكتشف الأعضاء في صادق سلامة زميلًا يرتاح كل زميل لزمالته مهما كانت ثقافته ومهما كانت نزعاته.. فقد كان رجلًا وهب نفسه وبيته وجيبه لأصدقائه.
وقد مثل صادق سلامة نقابة الصحفيين في مؤتمر الصحافة العالمي في براغ عاصمة التشيك في أربعينيات القرن العشرين.
وبعد عدة سنوات قضاها صادق سلامة في خدمة مجلس نقابة الصحفيين فإنه تنحى عن ترشيح نفسه، وكان ذلك في نهاية عام 1949م، وأعلن ذلك عبر سطور إحدى مقالاته بجريدته وكتب فيه: "تنحى صاحب (الإنذار) عن ترشيح نفسه لعضوية مجلس نقابة الصحفيين في هذه الدورة بعد أن انتهت مدة انتخابه الأخيرة وبعد أن أمضى ست سنوات سابقة عضوًا في المجلس مغمورًا بثقة إخوانه وحبهم من حضرات أعضاء المجلس وأعضاء النقابة وكان تدفعه هذه الثقة إلى التفاني والإخلاص ما استطاع لذلك سبيلًا.
وفي سجلات محاضر الجلسات ما يشهد بسعيه لتحقيق رغبات الإصلاح العامة وقد عاصر مبنى النقابة الجديد منذ إنشائه حتى انتهى إعداده وكان بجانب زملائه العاملين في كل خطوة إصلاحية آخرها مشروع التمغة الذي سيبرز أثره واضحًا في الأيام القادمة.. ولست اليوم في باب حصر حسنات الجهاد في خدمة الصحافة والسعي لتحقيق أهداف الصحافة الإقليمية والسير بها خطوة إصلاحية طيبة ومنع الفوارق بين الإقليميين وغيرهم من القاهريين الذين تضمهم نقابة واحدة ويعملون في بلاط صاحبة الجلالة لا صغير ولا كبير بين أحد منهم إلا بعمله وجهاده.
وما كان يمنعني أن أحقق رغبات الأعزاء في الترشيح في هذه الدورة لولا اعتبارات كثيرة منها الدقة في حمل أعباء أمانة الصندوق التي تتطلب رجلًا مقيمًا بالقاهرة ومنها المشاغل الانتخابية النيابية الحالية ومنها الحالة الصحية على أن رغبتي في عدم الترشيح لم تكن فكرة هذا العام والأصدقاء يعرفون أنها نبتت منذ عامين وأن ترشيحي في ذلك الحين لم يكن باختياري ولكن باختيار بعض الأصدقاء الأعزاء وقد حدث هذا العام أنني قدمت استقالتي خمس مرات وكنت أذعن لرغبة الزملاء مطيعًا للبقاء.
على أن هذا كله لا يمنعني أن أكون خادمًا وفيًا للصحافة ورجالها في كل حين وفي خارج المجلس كما في داخل المجلس إن شاء الله وأراني في الوقت نفسه عاجزًا العجز كله عن أن أوفي جميل بعض الزملاء الذين طوقوا عنقي بتفكيرهم في ترشيحي وإصرارهم بقوة وإخلاص على أن أطيع رجاءهم مع أسفي الشديد لظروفي التي قضت بعدم إطاعتهم ولأول مرة.
وإنني محتفظ في نفسي بكل أثر طيب ذاكرًا على الدوام النقابة والعاملين فيها والمخلصين في خدمتها بما يذكر به الأوفياء في كل حين.
ولقد زارنا الكثيرون في القاهرة وتحدث إلينا لفيف كبير من الزملاء معبرين بعواطفهم عن أسفهم بعدم ترشيح صاحب "الإنذار" في هذه الدورة وأرسلت إلينا من الإسكندرية السيدة المثقفة عطيات المنشاوي البرقية التالية:
أهنيكم على شهامتكم ونزاهتكم وأرجو لكم الصحة والعافية،
ونحن نكرر الاعتراف بالعجز عن تبيان أصدق عواطف الشكر والتقدير وندعو للزملاء جميعًا وأعضاء مجلس النقابة المنتظر بالخير والتوفيق".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا على دعمكم المستمر