"مسافر عبر الزمن"..يصحبكم في رحلة الي "المنيا التي لا نعرفها"..8- "المصاص" .. العزبة التي صنعتها "الفاوريقه"
تستكمل "ويكي منيا" رحلتها بصحبة ذاك المسن الجليل الذي جاء من "قاهرة المعز" ليسترجع ذكريات تاريخ المنيا، بلدته الحبيبة إلي قلبه كما كان يقول دوماً، فبعد أن هبط من القطار على رصيف محطة المنيا مسترجعاً ذكرياته مع الميدان وبناء المحطة الحديث والموقع القديم "شاهد الحلقة"، وتفحصنا دفتر زيارات فندق "سافوي" وتجولنا داخله وعرفنا تاريخ مقهاه حتى تم غلقه"شاهد الحلقة".
ذهب صاحبنا المسن ليشتري الجرائد والكتب من أكشاك "عم حكيم" و"عم حنا" والتي كانت تعرف بمراكز التنوير الثقافية بالمنيا"شاهد الحلقة"، واعتاد أن يبدأ يومه بقراءة الجرائد بصحبة فنجان القهوة بمقهى "كيمو" جالساً مع صديقه الخواجة "نيكولا" ليعلمه أخبار الدنيا ممن حوله "شاهد الحلقة".
دب الحزن قلب رفيق رحلتنا بعدما حل بمقهى صديقة الخواجه، فقرر أن يطمئن على ما تبقى من ذكرياته بميدان "بالاس"، الميدان الأشهر بالمنيا والذي كان ضمن مجموعة أراض مملوكة لأحد أشهر عائلات المنيا القبطية، حيث إمتدت أملاك عائلة "صاروفيم" من ميدان المحطة وحتى كورنيش النيل، وتبرع بإنشاء الميدان لإقامة مشروع قومي كبير "شاهد الحلقة".
وأبلغنا صاحبنا الجليل أن مدينة المنيا أخذت في التوسع من حيث الحيز العمراني بنهاية حكم الخديو إسماعيل وبداية حكم الخديو توفيق، عندما إمتدت المدينة خارج حيزها العمراني القديم، ليظهر في الوجود شارع "التجارة" وميدان "البوسته"، حيث ينتهي شارع التجارة تنتهي عند ميدان البوسته "شاهد الحلقة".
وبعدما وصل ذاك المسن إلي ميدان "البوسته" ليسترجع ذكرياته فيه، حيث كان مقراً لمعظم أبناء الجاليتين اليونانية والإيطالية منذ بدء نشأتهما في عهد الخديوي توفيق أي في ثمانينيات القرن التاسع عشر وحتي ظهور شارع القنصليات، تحولت إلي الحي الجديد قنصليات اليونان وإنجلترا وإيطاليا "شاهد الحلقة".
يعود صديقنا للحديث عن تاريخ وحكاية إنشاء واحدة من أهم العزب بمدينة المنيا، "عزبة المصاص" وامتداد مساحتها الأولي عندما كانت العزبة قديما واحدة من العزب والمناطق التابعة لأرض "الفارويقة".
يقول المؤرخ موفق بيومي: كانت كامل المنطقة الممتدة من ميدان الساعة الحالي و شركة بيع المصنوعات في الشمال و حتى أطراف ميدان البوستة في الجنوب و من الكوبري العالي و السكة الحديد في الغرب إلى فيلا "سيدهم" و حدود منطقة المطافي في الشرق ؛ كانت كامل المساحة البالغة 68 فدانا تعرف بإسم أرض الفاوريقة لوجود مصنع أو "فاوريقة" و هي النطق المصري أو المنياوي تحديدا و تعريب لكلمة « فابريك »، حيث كان يتواجد هناك مصنع السكر المملوك للخديو إسماعيل مع مخازن ضخمة أما موضع العدد و الآلات فكان يواجه بنك مصر الحالي و كانت معدات الإنتاج تلقي بالعادم و المخلفات -- و هي مصاص القصب -- عبر أنبوب ضخم يعبر فوق السكة الحديد إلى الناحية الغربية من ترعة الإبراهيمية لتتجمع أكوام ضخمة من المخلفات يتم نقلها على فترات إلى مقالب خاصة لحرقها جنوب المدينة القديمة بجوار مقابر اليهود و الجريج .. مع توسع نشاط المصنع و إزدياد عدد العمالة به توجه جانب من العمالة الجديدة إلى بناء أكواخ بجوار هذه الأكوام فعرفت المنطقة بإسم عزبة المصاص .
ويضيف المؤرخ الراحل أن أرض الفاوريقة كانت أول توسع عمراني و أول حي جديد تعرفه المنيا عام 1883 أثناء تصفية املاك الخديو إسماعيل بعد عزله و هي الأملاك التي كانت تضمها الإدارة التي عرفت بالدائرة السنية و التي كان بيع ممتلكاتها « وش السعد » على مئات العائلات في كل مصر حيث أشتروا عقارات و اراضي و زراعات الدائرة بما هو دون البخس ليدخلوا خلال سنوات إلى دائرة الأثرياء و كبار الملاك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا على دعمكم المستمر