«المنياوية بيخدموا بعض»..سر لقاء «عبد البديع عبد الحي» بهدى شعراوي الذي حوله من "طباخ" لشيخ النحاتين
لا خلاف على أن عبد البديع عبد الحي هو أحد أهم النحاتين التلقائيين - أي أصحاب الموهبة الفطرية الذين لم يتلقوا أي تعليم -، ليس على مستوى مصر فحسب بل على مستوى العالم كله خلال القرن العشرين .
الفنان المولود في ملوي عام 1916 وينحدر أصول عائلته البسيطة لقرية ديروط أم نخلة المجاورة و قد عمل منذ طفولته عاملا في فندق و مقهى يملكه يوناني ببندر ملوي ثم مساعد طباخ في صباه و بعدها تدرج في فنون الصنعة حتى أصبح طباخا متمرسا و لكنه منذ طفولته المبكرة كان مدمنا أن يستخدم سكاكين المطبخ في تشكيل العظام المتخلفة عن الذبائح.
وفي مرحلة لتطوير غريزة الموهبة إنتقل الملواني إلى مغازلة الأحجار القاسية الصلدة مثل الجرانيت و الصوان و قد ساعده في ذلك قوته البدنية و متانة أعصاب يديه مفرطتي القوة .
كانت ضربة الحظ لعبد البديع عندما إلتقى بلدياته السيدة الجليلة هدى هانم شعراوي في أحد المعارض عام 1937 و قد إنبهرت بإنتاجه و عرضت عليه مساعدته ماليا و تخصيص أتيليه له و مرتب شهري أو كما نسميها اليوم ( منحة تفرغ ) و لكنه رفض أن يتقاضى أجرا بلا عمل فتم الإتفاق في النهاية أن يصاحبها إلى القاهرة حيث خصصت له جزءا من بدروم أحد قصورها و هو قصر شارع معروف ( هدم طبعا كالعادة و موضعه الآن عند إلتقاء شارعي رمسيس و معروف عند منزل كوبري أكتوبر ) ، خصصت له هذا الجزء لإقامته و منحوتاته في مقابل أن يعمل طباخا لها و قد زار معها العديد من دول العالم كما عرفته على نجوم و وجهاء المجتمع و أقام تحت رعايتها اكثر من عشرة معارض نال فيها إعجاب و دعم كبار المسؤلين و كان منهم طه حسين باشا وقت أن كان وزير معارف و النحاس باشا وقت رئاسته لمجلس الوزراء و غيرهم.
و بعد وفاة هدى شعراوي إنتقل عبد البديع إلى موضعه الأخير في مصر القديمة و الذي أقام به لأكثر من نصف قرن حصل خلاله على اكثر من مائة جائزة محلية و إقليمية و دولية كما شارك في اكثر من مائة و خمسين معرضا متنوعا .
لقي شيخ النحاتين مصرعه عام 2004 عندما إقتحم مرسمه إثنان من النقاشين أبناء المنطقة،ظنا منهم أن الرجل الملواني يحتفظ بثروة في مسكنه لكثرة زواره من العرب و الأجانب و رجال الإعلام، و كذلك لإعتقادهم أن التماثيل الموجودة تماثيل فرعونية أثرية ! .. إلا أن عبد البديع رحل دون أن يتقاضى أية أموال نظير أعماله الفنية،بل كان رث الثياب يعيش حتى وفاته في غرفة صغيرة رغم قيمته الفنية العملاقة، و ستظل أعماله باقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا على دعمكم المستمر