علماء المنيا ورجال الدين الأوائل .. 1- الإمام شهاب الدين القرافي البهنسي
خرجت المنيا عبر تاريخها الممتد بمختلف العصور قديماً وحديثاً رجال دين وعلماء أفادوا البشرية جمعاء واستفاد العالم من مؤلفاتهم وإنجازاتهم الكبيرة، وتفردت المنيا دون غيرها منذ فجر التاريخ بكتابة أولى دعوات توحيد الإله على أرضها فكانت وبحق أرض التوحيد وإنهاء تعدد الألهه عبر دعوة إخناتون للإله الواحد على أرض تل العمارنة كما تناولنا في سلسلة "المنيا أرض التوحيد".
وظلت المنيا تقدم أبنائها من العلماء والفقهاء ورجال الدين مسيحيين ومسلمين الذين شكلوا الأولية ممن وفدوا وأقاموا على أرضها حتى وفاتهم، وممن ولدوا بها وتعلموا ممن وفدوا إليها، وكان من أوائل الوافدين هو الإمام القرطبي رضي الله عنه، والذي عاش بالمنيا حوالي 38 عام حتى وفاته ودفن في منطقة زاوية الأموات، ويحيي أهالي المنيا خاصة من المريدين والمتصوفين مولده كل عام والمعروف بمولد الإمام القرطبي عند مقامه بزاوية سلطان، وكنا قد خصصنا حلقة عن حياة الإمام القرطبي الذكية بالمنيا يمكن أن تعرف تفاصيلها من هنا.
ونتحدث في هذه الحلقة عن أحد أبرز أئمة الفقه في عصره والذي عاش على أرض البهنسا شمال مدينة المنيا، إنه (الإمام القرافي).
ولد الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي البهنسي عام 626هجرية وتوفى سنه 684هجرية (1258ميلادية)، عاش في كنف العلم ووصف بالأمانة الشديدة، وكان يحث كل من حوله على الاستزادة بالعلوم بشتى أنواعها، وكان من أصحاب المذهب المالكي.
عرف الإمام القرافي ببراعته في الفقه وأصول الدين والعلوم المختلفه، وكان له باعاً بالعلوم العقلية والتفسير واللغة والأدب، وذلك لأنه تتلمذ على يد العديد من الأئمة الأجلاء أمثال الإمام عز الدين بن عبد السلام السلمي، والإمام أبو بكر شمس الدين عبد الواحد المقدسي، وخرج على يده العديد من العلماء الأوائل أمثال أبو القاسم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الوهاب والذي أخذ عن الإمام الفراقي علم أصول الفقه والذي ساعده في كتابه "التعليقات على المنتخب" في أصول الفقه، أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الباقوري.
قال عنه العلماء المعاصرين وكذلك من تتلمذ على يده العديد من الأقاويل المأثورة لشده علمه، فكان لا يترك العلم في كافة فصول السنه، لذا قال عنه إبن راشد ( كان معتكفا على التعليم على الدوام صيفا وخريفا وربيعا وشتاء) ، وقال عنه محمد مخلوف: كان القرافي مؤلفا متقنا وشيخا للشيوخ، وهو عمدة أهل التحقيق والرسوخ، ومصنفاته شاهدة له بالبراعة والفضل.
احدى مخطوطات كتاب الاجوبة الفاخره للإمام القرافي |
وللإمام القرافي العديد من المؤلفات في علوم الفقه والدين واللغه والأدب منها (كتاب الإنقاذ في الاعتقاد - شرح الأربعين في أصول الدين - الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام - تنقيح الفصول في اختصار المحصول - العقد المنظوم في الخصوص والعموم)
توفى الإمام القرافي البهنسي صائماً في غرة رجب عام 684هجرية ودفن بالبهنسا، بعدما أثرى التابعين والدارسين بعلومه المختلفه، رحم الله من قال( ينبغي لذوي الهمم العلية أن لا يتركوا الاطلاع على العلوم ما أمكنهم).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا على دعمكم المستمر