"أسرار في حياة عميد الأدب العربي" .."السر العاشر": برقية تهنئة يوم وفاته!!
تواصل
"ويكي منيا" عرض حلقات سلسلة أسرار في حياة عميد الأدب
العربي،والتي تهدف لكشف تفاصيل حياة الدكتور طه حسين وأبرز المواقف التي مر
بها بعيدًا عن حياته الأدبية والثقافية، في تناول جديد نقدمه بين سطور هذه
المدونة، بمناسبة قرب الذكرى 130على ميلاد إبن مركز مغاغة،كونه من مواليد عام
1889بعزبة الكيلو بمغاغة.
ونستعرض
خلال سطور الحلقة العاشرة من السلسلة، سرًا جديدًا ربما لا يعرفه الكثيرين
المهتمين بحياة الدكتور طه حسين، هذا السر يتعلق بتلك البرقية التي وصلت يوم وفاته
لتهنئته بفوزه بجائزة عالمية كبرى.
توفي عميد
الأدب العربي الدكتور طه حسين في السابع والعشرين من أكتوبر عام 1973عن عمر يناهز
84عام، في هذا اليوم وصلت برقية من الأمم المتحدة تهنئة وتبلغه بفوزه بجائزة الأمم
المتحدة لحقوق الإنسان وهي ثاني أكبر جائزة عالمية بعد جائزة نوبل، وللمفارقه أنه
تسلم البرقية ولم يتسلم الجائزة.
وعن تفاصيل
ذلك اليوم الصعب تحكي سوزان طه حسين، زوجة عميد الأدب العربي قائلة: ( لم يكن يبدو
عليه المرض إطلاقًا ذلك السبت 27 أكتوبر، ومع ذلك ففي الساعة الثالثة بعد الظهر
شعر بالضيق، كان يريد أن يتكلم، لكنه كان يتلفظ الكلمات بعسر شديد وهو يلهث، ناديت طبيبه والقلق
يسيطر عليَّ، لكني لم أعثر عليه، فركبني الغم وعندما وصل، كانت النوبة قد زالت، وكان
طه قد عاد إلى حالته الطبيعية، وفي تلك اللحظة وصلَت برقية الأمم المتحدة التي تعلن
فوزه بجائزة حقوق الإنسان، وإنتظاره في نيويورك في العاشر من ديسمبر لتسلم
الجائزه، وكان الطبيب هو من قرأ الرسالة).
تضيف زوجة
العميد، هنأه الطبيب بحرارة، لكن طه أجابه بإشارة كنت أفهمها، كان دايمًا يقصد بها
عدم الإكترات، وكأنه كان يشعر بقرب لحظة وفاته، واصلت الزوجه: ( بعد أن حقنه
الطبيب بالـ"كورتيجين" أوصاه بأخذ بعض المسكنات في الليل، وطمأنني أن
مريضنا سيكون بخير، وغادر السكرتير منزلنا في الثامنة والنصف ومن بعده الخدم،
وبقيت معه بمفردي، كان يريد مني أن أجعله مستلقيًا على ظهره لكن كان هذا مستحيلًا
بسبب ظهره "المُسلخ" وأنا أصغي إليه حيث كان يتوسل إليًّ كالطفل
الصغير).
بدء طه
حسين يستعيد ذكريات الماضي الأليم ،وقال لسوزان: (إنهم يريدون بي شرًا، هناك أناس
أشرار، وجاوبته قائله من الذي يريد بك شرًا يا صغيري، من هو الشرير؟ فقال كل الناس، فردت: حتى أنا!!، قال لا ليس
أنتِ وقال بسخريةٍ مريرةٍ "أية حماقة؟! هل يمكن أن نجعل من الأعمى قائد
سفينه؟!! وقال لها إعطني يدك، وقبلها).
وجاءت
الليلة الأخيرة وظل حُسين ينادي سوزان لفترة طويلة، لكنها لم تسمعه حيث إستغرقت في
نوم عميق من شدة الإرهاق، وقالت زوجته عن تلك اللحظة: "هذه الذكرى لن تكف عن
تعذيبي"، مستطرده (نحو الساعة السادسة صباحا جعلتُه يشرب قليلا ْ من الحليب،
وتمتم:" بس".. ونزلت ُ أُعد قهوتنا ثم صعدت
ثانية مع صينيتي، ودنوت من سريره وناولته ملعقة من العسل بلعها... وبدا لي بالغ
الشحوب، عندما إستدرت إليه بعدما وضعت الملعقة على الطاولة وهيأت له البسكويت، لا
تنفس ولا نبض، ففعلت ما كنت أفعله في لحظات غشيانه العديدة، ولكن بلا فائدة،
فناديت الدكتور غالي ووصل بعد نصف ساعة، وجلست قربه، مرهقة متبلدة الذهن وإن كنت
هادئة هدوءًا غريبًا (ما أكثر ما كنت أتخيَّل هذه اللحظة المرعبة!) كنا معا، وحيدين،
متقاربين بشكل يفوق الوصف، ولم أكن أبكي — فقد جاءت الدموع بعد ذلك — ولم يكن أحد
ُ يعرف بعد بالذي حدث، أخذت أُحدثه وأقبل تلك الجبهة التي كثيرًا ما أحببتها.. تلك الجبهة التي
كانت لا تزال تُشع نورًا، وأقول وأكرر قولي " يا صديقي ..يا صديقي
الحبيب"، لأنه قبل كل شئ وبعد كل شئ وفوق كل شئ كان أفضل صديق لي، كانت لحظة
تجلي وقت الفجر في الثالث من رمضان .
توفي عميد الأدب العربي دون أن يستلم جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان
الذي فاز بها يوم وفاته، وإستلمها في العاشر من ديسمبر نيابة عن عائلته الدكتور عصمت
عبد المجيد الأمين العام لجامعة الدول العربية ، ووقتها كان في بعثة مصر الدائمة
في الأمم المتحدة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا على دعمكم المستمر