"المنيا مهد الأديان" ..الحلقة الأولى : مريم البتول تدخل "مدينة السمكة"!!
كانت المنيا عاصمة لمصر في الفترة
من 1390-1373قبل الميلاد ، حيث عاش إخناتون والجميلة نفرتيتي في قرية تل العمارنة
بمركز ملوي، ساعيين لدعوة الإله الواحد "أتون" هرباً من سيطرة كهنة طيبه،
ونجح في إطلاق دعوته لعبادة "قرص الشمس" كرمز لتوحيد الإله بعد أن أعلن
المنيا عاصمة للإقليم ، لتوسطها بين الوجهين القبلي والبحري ، لتنطلق من المنيا
أول دعوة للتوحيد منذ العصر الفرعوني ، ومن هنا أطلق المؤرخون على المنيا مدينة
التوحيد .
ومع تعاقب الأزمنة والعصور المختلفة ذات الحضارات المتنوعة ، إستطاعت عاصمة
مصر القديمة أن تواصل حفر إسمها في تاريخ الأديان عبر الزمن ، وهذا ما ستحاول
"ويكي منيا" إيجازه في هذه السطور عبر حلقات متتالية.
"البهنسا
..مدينة مقدسة"
ولنبدأ هذه السلسلة في أقصى شمال المحافظة بإتجاه البهنسا ، أو كما يطلق
عليها "المدينة المقدسة" ، لإرتباطها بالمعبودات والأديان في العصور
التاريخية المختلفة، ففي العصر الفرعوني كانت البهنسا عاصمة الإقليم التاسع عشر من
أقاليم مصر العليا ، و كانت تحتل مكانة دينية كبيرة في العصور المصرية القديمة ,
حسبما يؤكدها الدكتور مصطفي عزمي كبير مفتشي الآثار المصرية بالبهنسا ، بالنظر إلي
إسم البهنسا القديم باللغة الهيروغليفية " بر- مجد " ويعني مكان اللقاء
الذي فُسٍر أنه ربما يكون اللقاء الإسطوري لكل من "حورس" والمعبود
"ست" رمزي الخير والشر في الديانة والأساطير المصرية القديمة، حيث كانت البهنسا مركزا مهما من مراكز عبادة الإله
"ست" رمز الشر في مصر القديمة ، وكان لذلك أثره على البهنسا حيث نجد بعض
القوائم الخاصة بالأماكن الجغرافية تتجنب ذكر أسمها تشاؤما من كونها مركزا من
مراكز عبادة المعبود ست ، وذكر عزمي أن الملك رمسيس الثالث قد أغدق على هذا المعبد
الكثير من العطايا والهدايا بالبهنسا .
"تاورت إله
الإنجاب في البهنسا قديما"
ويضيف كبير مفتشي الأثار المصريه بالبهنسا :كان هناك معبودة أخرى تسمي
"تاورت" وتعني العظيمة ، كانت تصور على هيئة "أنثى فرس النهر"
، وكانت البهنسا أحد مراكز عبادتها بجانب جبل السلسلة وطيبة ومنطقة دير المدينة ،
وتذكر البرديات معبدا كان مشيدا لها ، بل كان هناك حي من أحياء المدينة في العصر
اليوناني الروماني يسمى باسمها، حيث كان يعتقد أنها تساعد الأمهات في عملية الحمل
والإنجاب وحماية المولود، ومن هنا جاءت فكرة إرتباط البهنسا بالإنجاب قديماً قبل
المعتقدات الشعبية الحديثه .
"دليل العبادات
الرومانيه"
وفي العصر الروماني تغير إسم المدينة إلى " أوكسيرينخوس " وتعني
"مدينة السمكة" وهي سمكة " القنومة " التي كانت موضع قداسة في
المدينة آنذاك, وزادت أهميتها وكانت تسكنها جالية يونانية، وكانت البهنسا كانت من أكبر المدن
التي أشارت عن العبادات الرومانية في مصر لإحتوائها على عدد كبير من المعابد أكبرها
معبد "سيرابيس" و"أثينا ثيورنس"، بالإضافة لمعابد عديدة في
الحي الجنوبي الشرقي لحورس ونيوتيرا "أفروديت وحتحور" ، ومعبد إيزيس في
الحي الجنوبي ، بالإضافة لمحاريب الآلهة الموحدة الموزعة بثلاث أحياء .
موقع شجرة مريم التي استظلت بها العذراء والمسيح
"بهاء
النساء- بهنسا"
وكان لمرور السيد المسيح والعذراء مريم ، بالبهنسا خلال رحلة العائلة المقدسة،أثره الخاص في الوجدان الشعبي والتراث الديني لهذه المنطقة، حيث أنها كانت مدخل المسيح والعذراء إلي المنيا.
ويسرد داود ناشد وكيل
مطرانيه سمالوط كيف مرت العائلة المقدسة بالبهنسا في رحلة الهروب من هيرودوس بصحبة
يوسف النجار، وكانت البهنسا أول بقعه يخطوها قدم العائلة بالمنيا.
وكشف وكيل المطرانية أن هناك تفسير لكمة "بهنسا" وهو مأخوذ من قصة بهاء النساء التي تم تداولها بعد مرور السيدة العذراء بها لأنها أفضل نساء العالمين، فتم إطلاق عليها كلمة بهاء النساء وحرفت إلي "بهنسا".
أما عن شجرة مريم المتواجدة هناك، فقد أكد أنها مجرد رواية "فلكلوريه" ليس لها دليل في التاريخ القبطي ،
مدللاً أنه كان يوجد العديد من الأديرة في البهنسا بعد تلك الفترة .
وأشار د.مصطفي عزمي
أنه تم الكشف على مجموعة من البرديات مؤخرا تدلل على وجود عدد من الكنائس بحلول
القرن الخامس الميلادي، وتعدادها يقارب 40كنيسة ، وعثر على نسخة قديمة من الإنجيل،
تم حفظها في روما.
كما يقول الدكتور أحمد حميدة مدير المتحف الأتوني، عندما
ظهرت المسيحية كانت البهنسا واحدة من أهم المدن التي دخلتها المسيحية بعد الإسكندرية
العاصمة، ومرت بها العائلة المقدسة خلال رحلتها في مصر مما أوجد للمدينة مكانة
خاصة في الوجدان المسيحي إضافة إلى موقعها المميز جعل المدينة تربة خصبة للرهبنة
حيث سكنها الآلاف من الرهبان والراهبات في ذلك الوقت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا على دعمكم المستمر